مركز بوبيان للبحوث والدراسات السياسية والإستراتيجية | مواجهة تركية-عراقية على أبواب معركة نينوى
مواجهة تركية-عراقية على أبواب معركة نينوى
2024-12-22 | 344 مشاهدة
العالم العربي
مواجهة تركية-عراقية على أبواب معركة نينوى

استدعت وزارة الخارجية التركية سفير العراق في أنقرة، للاحتجاج على وصف مجلس النواب العراقي قواتها في العراق بـ"المحتلة".

ي غضون ذلك، كان البرلمان العراقي يرفض وبالإجماع وجود القوات التركية على الأراضي العراقية في بعشيقة، ويطالب بسحب السفير العراقي في تركيا، وطرد سفير تركيا من العراق.

وقد وصف البرلمان العراقي التحركات التركية والوجود العسكري بأنها “تدخل سافر وشكل من أشكال الاحتلال”.
كما أصدر المرجع الديني العراقي الشيخ قاسم الطائي فتوى دينية جاء فيها إن "الحرب ضد الجنود الأتراك واجب". وبعد فتوى الطائي، قال المتحدث باسم "الحشد الشعبي" كريم النوري إن "قوات المقاومة على أتم الاستعداد للحرب مع تركيا".

وجاء قرار البرلمان العراقي ردا على قرار للبرلمان التركي فوض فيه القوات التركية بتنفيذ عمليات عسكرية في العراق وسوريا عاما آخر.

وجاء أيضاً ردا على تصريحات وردت على لسان الرئيس التركي في مقابلة تلفزيونية قبل أيام، وجاء فيها “أن الموصل للموصليين، ولا يحق لأحد أن يتدخل فيها".
وبينما حذّر حيدر العبادي من "حرب إقليمية"، استدعت الخارجية التركية السفير العراقي في أنقرة احتجاجا على قرار البرلمان العراقي، فيما دانت الخارجية التركية قرار البرلمان العراقي وقالت "إن قرار البرلمان لا يعكس رأي الشعب العراقي".
وفي سياق بيان الخارجية التركية، أعلن نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش اليوم (05/10/2016) أن الوجود العسكري التركي في العراق يهدف إلى تحقيق الاستقرار في وقت تشهد فيه البلاد انقساماً شديداً. وأضاف أن "تركيا لا تسعى لأن تصبح قوة احتلال، وأنها لن تسمح بطرح هذا الأمر للنقاش"، وقال إن العراق للعراقيين وسوريا للسوريين، ولن نسمح لأي تنظيم إرهابي بتغيير البنية العرقية والديموغرافية فيهما".

ولا بد من التذكير هنا بإعلان أردوغان قبل أيام أن "تركيا تفكر بعملية مشابهة لعملية "درع الفرات" في الموصل". وسبق التصريحات التركية وجود عسكري لقوات تركية منذ نهاية 2015 في معسكر بعشيقة شمال نينوى.
ولقد تزامنت أحاديث أروغان الاخيرة عن الموصل، مع حديث في أوساط تركية عن اتفاقية أنقرة 1926، التي تنازلت فيها تركيا عن ولاية الموصل للعراق. كما تزامنت مع حديث آخر لأردوغان انتقد فيه قبل أيام معاهدة لوزان 1923، وقال "لقد أرونا معاهدة سيفر لنقبل بلوزان".

جدير بالذكر أن تركيا تنازلت بموجب لوزان عن ولاياتها السابقة، واعترفت باستقلالها وتحولت من دولة عثمانية إلى الجمهورية التركية.
وكأن أردوغان يتحدث عن إعادة النظر في معاهدة لوزان. وإن حال لوزان 1923، كحال اتفاقية سايكس-بيكو 1916، التي انهال عليها تراب فوضى الشرق الاوسط بعد 11-9-2001، خصوصاً أن عهد ما بعد "داعش" في نينوى سيفتح الباب أمام حقبة دولية جديدة كما يقول ألبرت ماكغورك، مبعوث أوباما للتحالف الدولي.

وبحسب مراقبين، فإن قرار البرلمان العراقي ورد الفعل الحكومي ضد تركيا، يعدَّان من وجهة نظر مراقبين موقفا انتقائياً يتغاضى عن التواجد الإيراني. يؤكد ذلك إصرار منقطع النظير لقوات "الحشد الشعبي" على المشاركة في معركة نينوى، رغم اعتراضات حكومة إقليم كردستان و"اتحاد القوى العراقية"، إضافة إلى الاعتراض التركي والسعودي.

ويأتي الاشتباك البرلماني والحكومي التركي-العراقي بعد أيام من حراك دبلوماسي ملحوظ شهدته بغداد وأنقرة. فقد حسمت زيارة رئيس إقليم كردستان العراق (القريب من أنقرة وواشنطن) إلى بغداد قبل أيام كل المشكلات العالقة بين الطرفين تمهيدا لمعركة نينوى.
كما شهدت أنقرة حراكا دبلوماسيا ملحوظا أيضا. فقد زارها قبل أيام وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف. وتبعت زيارة ظريف زيارة لولي العهد السعودي ووزير الداخلية محمد بن نايف. وقد تخللت زيارة ابن نايف لقاء للرئيس التركي مع قناة تلفزيونية خليجية وحديثه عن معركة الموصل المشار إليها آنفا. وكأن أردوغان أراد أن يقول إن "موضوع الموصل تم بحثه خلال زيارة ولي العهد السعودي".
والسؤال: هل ستفتح معركة نينوى الباب أمام صراع إقليمي مزدوج بين تركيا وإيران من جهة، وبين إيران والسعودية من جهة أخرى؟ ولا سيما أن أزمة وجود تركيا العسكري في بعشيقة تزامنت مع أزمة السفارة السعودية في بغداد. أم أن معركة نينوى التي قاربت بين بغداد وأربيل بوساطة أمريكية، ستقارب بين بغداد وأنقرة؟

المؤشرات تدل على أن التقارب وارد، بالرغم من أن كل السيناريوهات محتملة. وقد يفتح التقارب بين بغداد وأنقرة أو بين أنقرة وطهران الطريق أمام عملية "درع دجلة" تركية في شمال العراق، مثلما أن تقارب روسيا وتركيا قد فتح الباب أمام "درع الفرات" شمال سوريا، وفق متابعين. وذلك قد يحصل لأن إيران قلقة جدا من حراك كردي ينطلق من شمال العراق، بدأ يتفاقم مستهدفا مناطق ما يصفه بعضٌ بالمناطق الكردية في إيران.

ويبدو أن تركيا قد نُشِطت من عِقال بعد انقلاب 15 تموز الفاشل، وأن "درع الفرات" و"درع دجلة" دليل، وأنهما وجهان لعملة تركية واحدة، وأن بطء مسار "درع الفرات" ربما قد جاء لأولوية معركة نينوى ومعركة الرقة أيضا على الطاولة الدولية.
وكما أن الموصل وحلب تعدَّان من وجهة نظر تركيا خط الدفاع الأول عن أمنها القومي، فإن انطلاق "درع الفرات" والتهديد بمثلها في الموصل يبدو أمراً استراتيجيا.

ومن غير المتوقع أن يستقر شأن الموصل او حلب خلال عام أو اثنين، وفق خبراء عسكريين، بل لعله يستمر حتى تلتقي الأطراف السورية من جهة، والأطراف العراقية من جهة أخرى، على تشكيل نظام سياسي جديد بتوافق محلي-إقليمي-دولي.
ومن هنا نفهم أبعاد هذه المعركة المفتوحة محليا وإقليميا ودوليا في نينوى وحلب. وقد تكون معادلة" نينوى أولا" في العراق و"حلب أولا" في سوريا بداية لطريق طويل. ولكل حادث فيه حديث>

عمر عبد الستار - بغداد