مركز بوبيان للبحوث والدراسات السياسية والإستراتيجية | مشاهدة الأفلام الحزينة تقوّي الروابط الأسرية وتزيد الشعور بالراحة
مشاهدة الأفلام الحزينة تقوّي الروابط الأسرية وتزيد الشعور بالراحة
2024-12-23 | 240 مشاهدة
تربية وثقافة
مشاهدة الأفلام الحزينة تقوّي الروابط الأسرية وتزيد الشعور بالراحة

قد تجعلك أفلام مثل Tyrannosaur وBreaking the Waves و Schindler's List تجهش بالبكاء، ولكن علماء النفس يقولون أنهم توصلوا إلى السر وراء رغبة كثيرين في مشاهدة تلك الأفلام الحزينة.
وقال باحثون من جامعة أكسفورد أن مشاهدة الأفلام الحزينة يعزز مشاعر الترابط مع المجموعات المحيطة بنا كالأسرة والأصدقاء، بالإضافة إلى زيادة تحمُّل الألم إذ يزيد من مستويات المواد الكيميائية التي يفرزها المخ والمسؤولة عن الشعور بالسعادة والمُسكّنة للألم،.
وأوضح روبن دونبار، أستاذ علم النفس التطوري بجامعة أكسفورد، والذي شارك في إجراء تلك الدراسة "الفكرة هي أن اختلاج المشاعر الذي يحدث نتيجة لمشاهدة الأحداث المأسوية، ربما يكون هو المسؤول عن تنشيط نظام الإندورفين"، والإندروفين هو المسؤول عن تخفيف الآلام وإعطاء الشعور بالراحة.
وكشفت الدراسة السابقة أن الضحك الجماعي أو الرقص الجماعي وكذلك العمل ضمن فريق، من الممكن أن يتسبب في زيادة الترابط الاجتماعي وزيادة القدرة على تحمل الألم، عن طريق الدفع بكمية من الإندورفين.
وأضاف دونبار أن الشعور بالضيق والغضب، يعود على الجسد بنفس التأثير، فقال "اتضح لنا أن بعض مناطق الدماغ التي تتعامل مع الألم الجسدي تتعامل أيضاً مع الألم النفسي".


ومن أجل اكتشاف المزيد بخصوص هذا الاحتمال، قسّم الباحثون 169 شخصاً من المشتركين، إلى مجموعات تتألف بصورة عامة من أشخاص لا يعرف بعضهم بعضاً، وعرضوا عليهم الدراما الصادمة Stuart: A Life Backwards والتي ترجع إلى قصة حقيقية عن مدمن مخدرات وكحول، بلا مأوى، ولديه إعاقة جسدية.
بينما شاهدت مجموعة أخرى مكونة من 68 فرداً، اثنين من الأفلام الوثائقية - أحدهما عن التاريخ الطبيعي، والآخر عن الجيولوجيا وعلم الآثار في بريطانيا.
وطُلِب من المشاركين، وصف ما يشعرون به باختصار، قبل وبعد مشاهدة تلك الأفلام، بالإضافة إلى وصف مشاعرهم بالانتماء تجاه الأعضاء الآخرين الموجودين معهم في المجموعة.
وقد طُلِب من بعضهم أيضاً ممارسة بعض التمرينات من أجل قياس مقدار تحملهم للألم - ومن ضمن تلك التمرينات تمرين يسمى بـwall-sit ، وهو يتضمن الجلوس بشكل قرفصاء مع مُقابلة ظهرك للحائط لأطول فترة ممكنة.
ومع زيادة مستويات تحمُّل الألم المرتبطة بإفراز المواد الكيميائية ذات الصفات المُسكنة القوية، والمعروفة باسم الإندورفين، كان ذلك الاختبار بمثابة وسيلة غير مباشرة أتاحت للعلماء قياس تغير مستويات الإندورفين في الدماغ.
وقال دونبار "ما يريد أن يعرفه كل فرد منا، هو ما إذا كان رد فعلك يختلف باختلاف نوع الفيلم الذي تشاهده".
وقد أظهرت الدراسات أن أولئك الذين شاهدوا الأفلام المحزنة كان لديهم، في المتوسط، تغير سلبي قوي في المزاج، أما أولئك الذين شاهدوا الأفلام الوثائقية، أظهروا تغيُّرات طفيفة للغاية في كل من العلامات السلبية والإيجابية، الأمر الذي وصفه الباحثون على أنه شعور بالملل.
كما وجدوا أيضاً أن متوسط القدرة على تحمل الألم لأولئك الذين شاهدوا الأفلام المؤلمة، زاد بنسبة وصلت إلى 13.1%، بينما أولئك الذين شاهدوا الأفلام الوثائقية، شهدوا انخفاضاً في حد الألم وصل إلى 4.6%.


ما أثمرت عنه التجربة هو أن الأفلام المؤلمة عززت حد احتمال الألم بما يقرب من 18% مقارنةً بالمجموعة ذات السيناريو الآخر، بالإضافة إلى أن أولئك الذين أظهروا زيادة في تحملهم للألم، ازدادت لديهم مشاعر الارتباط بالمجموعة التي ينتمون إليها، على الرغم من أن درجة الإيجابية في مزاجهم انخفضت.
وعلى الرغم من ضرورة القيام بالمزيد من الأبحاث للنظر في تأثير مجموعات واسعة من الأفلام والتأثيرات الأخرى على المشاعر، يقول دونبار أن نتائج التجارب الحالية تشير إلى أن مشاهدة الأفلام المؤلمة تزيد من مستويات الإندورفين في المخ، مما يعزز القدرة على تحمل الألم وزيادة الشعور بالارتباط تجاه المجموعة التي ينتمي إليها المشاركون في التجربة.
وقالت صوفي سكوت، من معهد علم الأعصاب الإدراكي في كلية لندن الجامعية، أن الأمر كان لافتاً للنظر كثيراً، أن تكون الأفلام المؤلمة لها تأثير على الترابط الاجتماعي، مثلها مثل الضحك.
وأضافت سكوت "تشير الدراسة إلى أن ذلك الترابط، لا يحدث فقط بسبب المشاعر الإيجابية - بل ربما يرجع الأمر إلى أن خوض تجربة عاطفية مشتركة مع غيرك ممن حولك، هو السبب في تغير مستويات إفراز الإندورفين في الجسم، والشعور بالقرب ممن حولك".
كما قالت إن البحث في آثار الغضب أو الشعور بالاشمئزاز، قد يساعد في تحديد إذا ما كان التأثير يحدث بسبب الشعور بعواطف محددة، أم هو فقط بسبب مشاركتها مع المجموعة المحيطة.