اشارت اوساط وثيقة الصلة بالرئيس سعد الحريري الى ان الأخير الذي اعلن بعد تكليفه انه يريد حكومة وفاق وطني على قاعدة "شبْك الأيدي"، يبدو مطمئناً الى ان عملية التأليف لن تستمر وقتاً طويلاً وان لديه قناعة بأن اسبوعين او ثلاثة ستكون كافية لانجاز التأليف مبدئياً.
ولكن أوساطا نيابية وسياسية أخرى لا تبدي تفاؤلاً مماثلاً اقله لجهة مدة التأليف السريعة، وتعتقد ان ثمة واقعاً ناشئاً عن تَعدُّد حلفاء العهد وتداخل طموحاتهم وحصصهم المنتظرة في الحكومة ستكون عقبة مهمة في طريق تأليف سريع للحكومة فضلاً عن الجانب المتصل بالترضية الكبيرة التي لا بد ان ينالها بري لقاء تسميته الحريري. علماً ان رئيس البرلمان أعطى اشارت بالغة الدلالات من القصر الجمهوري عقب اعلان تسمية كتلته للحريري اذ اكد "ان للرئيس الحريري ديناً بذمتي منذ ان قلت انني معه ظالماً او مظلوماً. واليوم قررت مع الكتلة وقيادة الحركة التي أنتمي إليها، أن أوفي هذا الدين بالكامل"، معلناً "إذا أرادوا التعاون نتعاون وإذا أرادوا أن نكون في المعارضة نكون في المعارضة".
واعتُبر كلام بري على انه مؤشر الى ان المرونة في التكليف انتهت عند هذا الحدّ وان لمفاوضات تأليف الحكومة حسابات وقواعد أخرى أكثر تشدُّداً وهو خلالها في "حلّ" من اي عهود تجاه الحريري وإن أبدى الاستعداد للتعاون معه بما يكفل دخوله و"حزب الله" معاً الحكومة وإلا بقيا خارجها، وهو ما يضع الحكومة الجديدة امام مشكلة ميثاقية كبيرة.
ولفتت الاوساط نفسها في سياق متصل الى ان حبل التعقيدات كان بدأ يطلّ برأسه من خلال ما طرحه رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ليل الاربعاء من مطالبة بإعطاء وزارة المال لحزبه، علما ان هذه الوزارة السيادية الاساسية صارت بحكم العرف للطائفة الشيعية، لان اي مرسوم او اجراء لا يمر الا بتوقيع وزير المال ويستحيل مبدئياً ان يتخلى بري عن هذه الحقيبة متى بدأت معه المفاوضات لتشكيل الحكومة. كما ان جعجع طالب بعدم التزام تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع ملمحاً الى إمكان حصرها بالأفرقاء الذين ايّدوا انتخاب الرئيس عون.
واذا كانت الاوساط اعتبرت ان رفع سقوف المطالب يشكل امراً طبيعياً في بداية عملية تأليف الحكومة، الا انها رسمت الكثير من التساؤلات حول قدرة كل من الرئيسين عون والحريري على انجاز سريع لتشكيلة الحكومة وإمكان التوفيق بين المطالب الواسعة التي سيجدان نفسيهما أمامها، علما انه يبدو شبه مؤكد اعتماد حكومة من ثلاثين وزيراً كي تتسع لأوسع مشاركة سياسية مع انطلاقة العهد.
الراي