اكد باحثان في التاريخ الكويتي في محاضرتين لهما اليوم الاثنين حول المكتشفات الاثرية في ارض الكويت ودلالاتها عمق الارث الحضاري للكويت واتفقا على تنوع الكتابات والاثار المكتشفة ابتداء من العصر الحجري لاسيما في جزيرة (فيلكا).
وقال مدير ادارة الاثار والمتاحف بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب الدكتور سلطان الدويش في محاضرة بعنوان (الكتابات القديمة في ارض الكويت) ان الكتابات القديمة تعتبر من اهم المكتشفات الاثرية التي عثر عليها في ارض الكويت.
واضاف الدكتور الدويش لوكالة الانباء الكويتية (كونا) على هامش المحاضرة في مكتبة الكويت الوطنية ان اعمال التنقيب الاثري كشفت عن اربع كتابات مهمة وهي المسمارية والآرامية والعربية القديمة (المسند) والكتابات اليونانية.
واوضح انه "لا شك ان ارض الكويت غنية بالاثار المتنوعة" التي بدأت من العصور الحجرية والعصر البرونزي والعصور التاريخية الاخرى مبينا ان اقدم الكتابات في الكويت ظهرت في فيلكا في حضارة دلمون وهي الكتابة المسمارية التي نشأت في العالم القديم في الالف الثالث قبل الميلاد والتي انتشرت في بلاد الرافدين ومنطقة الخليج.
وذكر انه عثر في فيلكا على 60 لوحا مسماريا تتحدث جميعها عن اهمية منطقة دلمون والعلاقات التجارية الكبيرة التي كانت بين دلمون وبلاد الرافدين في تلك الفترة.
واشار الى وجود بعض النصوص المسمارية على الالواح الطينية والاختام وبعض النحاسيات التي نقشت وظهرت عليها هذه الكتابة من خلال النحت والحفر والتي وصفت منطقة دلمون انذاك.
وتطرق الدويش الى الكتابة (الارامية) التي كانت سائدة في الالف الاول قبل الميلاد في بلاد الرافدين والشام وايران مبينا انه تم العثور في جزيرة فيلكا على نقش وحيد يتحدث عن هذه الكتابة.
وبين ان اللوحة المكتشفة تتحدث عن اسم احد الاشخاص وتتكون من سطور وحروف وهو الاكتشاف الوحيد في الكويت يخص هذه الكتابة الارامية.
كما لفت الدويش الى كتابة (المسند) التي تعود الى 900 سنة قبل الميلاد وتحكي قصة مفادها انه عند انهيار سد مأرب انتشرت القبائل العربية في شمال وجنوب الجزيرة العرببة وفي منطقة الخليج العربي وظهر مع تلك القبائل خط المسند الذي انقسم الى عدة انواع منها المسند الشمالي والجنوبي كما اشتهر خط المسند الاحسائي في منطقة الخليج وسمي بهذا الاسم لانه بدأ من منطقة الاحساء.
واشار الى ان هذا الخط وجد في الكويت في اربع مناطق وهي (جبل وارة) و(صخرة الخيران) ومنطقة (عكاز) وجزيرة (فيلكا) اذ كانت الكتابات عبارة عن اسماء اشخاص واسماء الهة.
وقال ان خط المسند ما زال متداولا حتى الان عند الكويتيين من اصحاب ورعاة الابل مبينا ان الوسم والعلامة التي يستخدمها ملاك الابل هي احد حروف ابجدية هذا الخط.
ثم تطرق الى الكتابة الرابعة التي لها اثر في الكويت وهي الكتابة اليونانية او الاغريقية والتي ترجع الى 300 سنة قبل الميلاد مبينا انها وصلت الكويت مع وصول جنود الاسكندر الى جزيرة فيلكا وبناء قلعة ضخمة هناك.
وقال الدكتور الدويش ان العرب استخدموا هذا الخط واضافوا له كتاباتهم واسماءهم على عملاتهم القديمة التي انتشرت في تلك الفترة.
بدوره قال رئيس قسم المسح والتنقيب الاثري بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب الدكتور حامد المطيري ان المواد الاثرية المكتشفة في ارض الكويت هي دلالة على الاستيطانات والكثافة السكانية والنشاط الاقتصادي والاجتماعي غير المكتوب ودليل على تاريخ الكويت وارثها الحضاري.
واستدل المطيري في محاضرته التي جاءت بعنوان (نتائج التنقيب للبعثة الخليجية..موقع سعيدة) بما تم اكتشافه من كتابات اثرية عن (قرية سعيدة) التي تقع على الساحل الشمالي الغربي من جزيرة فيلكا ويحدها من الشمال الشرقي دوحة رويسية ومن الشمال والشمال الغربي ميناء الخضر القديم الذي يعرف حاليا بنقعة سعيدة.
واوضح ان هذه القرية انتشرت فيها العديد من التلال الأثرية التي يبلغ عددها 25 تلا ومن خلال نتائج التنقيب الأثري تبين ان القرية تعود إلى العصر الإسلامي المتأخر.
وبين انه تم اكتشاف العديد من مظاهر المعيشة اليومية في تلك القرية كتنانير الفخار وأثقال الشباك البحرية وعظام الحيوانات والأسماك التي تغذوا عليها كما كشف عن بعض السلع المستوردة من مناطق الخليج العربي ومن الهند والصين كالبورسلان الصيني والأساور الزجاجية والخزف والفخار.
وذكر انه في عام 2001 كشف عن مسجد جامع للقرية يتكون من رواقين وفناء وتحيط به مجموعة من الدور بعضها أقدم من المسجد موضحا ان هذا المسجد الأثري يعد اقدم مسجد كشف عنه في أرض الكويت.
وقال المطيري انه تم هجرة تلك القرية بسبب انتشار وباء الطاعون الذي اجتاح القرى الشمالية وكانت قرية سعيدة من ضمن تلك القرى.
يذكر ان المحاضرتين تأتيان ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي بدورته ال23 والذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب ويتخلله العديد من الفعاليات والانشطة الهامة للارتقاء بمستوى الثقافة في البلاد.