"إن الشعيبة قرية فيها السكون مخيم..الماء من آبارها عذب..لروحي بلسم" بهذه الأبيات الجميلة تغنى الشاعر محمود شوقي الأيوبي عام 1953 بقرية الشعيبة الكويتية القديمة التي أسماها "القرية العذراء".
فقرية الشعيبة إحدى أقدم قرى (القصور) وتقع جنوبي البلاد على ساحل الخليج العربي على بعد 48 كيلومترا من مدينة الكويت وحاليا ما بين مصفاة الشعيبة ومصفاة ميناء الأحمدي.
و(القصور) هو مسمى كان يطلق قديما على المنطقة التي تضم كلا من قرى (الفحيحيل) و(المنقف) و(الفنطاس) و(الفنيطيس) و(أبوحليفة) إضافة إلى قرية الشعيبة التي أثبتت الكتب التاريخية قدمها منذ فترة ما قبل الإسلام.
وذكر الباحث سلطان الباهلي في كتابه (قرية الشعيبة) أن المنطقة مرت تاريخيا بعدة عصور منذ العصر الجاهلي حيث كانت تسكنها آنذاك إحدى القبائل العربية العريقة وهي قبيلة (بنو تميم) التي استوطنت أرض (العدان) التي تقع الشعيبة ضمن نطاقها واستمرت فيها حتى عصر الإسلام وانتشار القبائل العربية بجميع أنحاء شبه الجزيرة العربية.
ويعود سبب تسمية قرية الشعيبة بهذا الاسم إلى أنها تقع على ضفتي بحرة أي الشعبة من (مسايل) الماء تنحدر سيولها من ظهر العدان وتذهب مشرقة حتى تفيض في البحر وكلمة (الشعيبة) مؤنث (شعيب) وهو مجرى المطر يتجه إلى النقطة الأسفل والموطئ المنخفض وهو شعيب كبير.
ويوجد قرب الشعيبة حاجز ترابي على امتداد بحر العدان في الخليج العربي يجمع الماء العذب عن الساحل فيتشربه التراب ويختزن في الجوف ثم تحفر الآبار التي وصل عددها في الشعيبة قديما إلى 10 آبار للمياه العذبة من أشهرها بئر (سليسل) و(جليب العويجاء).
وقال الفلكي والمؤرخ الكويتي عادل السعدون لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن قرية الشعيبة من أقدم القرى الكويتية على الساحل الجنوبي للبلاد وأسست عام 1770.
وأوضح السعدون أن القرية كانت ضمن حدود منطقة العدان التاريخية المعروفة وتتكون من منازل قليلة مبنية من صخور البحر تسكنها أسر كويتية تنتمي الى قبائل عربية مختلفة تقوم بزراعة أشجار النخيل وبعض الخضراوات ولديها ثلاثة أو أربعة قوارب للغوص على اللؤلؤ.
وذكر أن قرية الشعيبة توسعت بعد ذلك حيث بلغ عدد سكانها سنة 1960 نحو 10 آلاف نسمة نتيجة تشغيل مصافي النفط في الأحمدي والشعيبة وميناء عبدالله وتوظيف عدد كبير من الكويتيين في القطاع النفطي الذين انتقلوا للسكن مع أهاليهم في المنطقة.
وأضاف أن اسم (شعيبة) مؤنث كلمة شعيب حيث كان في القرية شعيب تتجمع فيه مياه الأمطار يطلق عليه اسم (بحرة) وهو يقسم القرية إلى قسمين وكان الناس حين يدخلون قرية الشعيبة من الناحية الغربية يبدؤون بمنطقة اسمها (بوقعر) ثم تأتي بعدها منطقة (الصهيل) ثم (الصيهد) حتى نصل إلى منطقة السوق الذي قام ببنائه المرحوم الشيخ صباح الناصر في أربعينيات القرن الماضي.
وبين أن أقدم الخرائط التي حددت تاريخ قرية الشعيبة نشرت في كتاب (علم الأرض وعلاقته بالطبيعة وتاريخ الإنسان) للرحالة الألماني كارل ريتر عام 1818 كما ذكرت قرية الشعيبة في كتاب (دليل الخليج) للانكليزي لوريمر الذي زار القرية عام 1904.
وأشار إلى أن ذكرها جاء أيضا في كتاب (التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية) لمؤلفه محمد بن خليفة النبهاني الذي ذكر فيه أن عدد سكان الشعيبة عام 1947 كان 100 شخص وعدد بيوتها لم يتجاوز 30 بيتا وأقدم مساجدها هو المسجد الشرقي أو كما كان يسمى ب(مسجد السوق)