أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامه أن «لبنان سيحظى بتمديد للمهلة الممنوحة له لالتزام اتفاق التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية»، وذلك خلال ترؤسه اجتماع حاكمية «المركزي» الشهري مع مجلس إدارة جمعية المصارف برئاسة الدكتور جوزف طربيه.
ولفت الحاكم سلامة إلى أن «تعديل وكالة «ستاندرد أند بورز» نظرتها المستقبلية للبنان من «سلبية» الى «مستقرة»، جاء بعد تحسّن ملحوظ في ميزانيات المصارف نتيجة الهندسة المالية التي ابتدعها مصرف لبنان».
فأشار وفد الجمعية الى أن «هذه الهندسة أفضت الى فائض في السيولة بالليرة لديها»، آملة في معالجتها.
فأبلغها سلامه ب«ضرورة أن تستخدم المصارف هذه السيولة من أجل زيادة محفظة قروضها للقطاع الخاص»، مؤكداً في المقابل أنه يدرس «خيارات عدة يمكن أن تساعد في امتصاصها».
وهنا أبرز ما تناوله اللقاء الشهري:
في التطورات النقدية والمصرفية: توقف الحاكم عند تغيير مؤسسة «ستاندرد اند بورز» نظرتها المستقبلية في تقويمها للبنان من «سلبي» الى «مستقر»، رابطاً هذا التعديل بالتحسن في ميزانيات المصارف الذي نتج بدوره عن الهندسات المالية الأخيرة التي أجراها المصرف المركزي مع المصارف والتي جاءت لمصلحة جميع الأطراف اي مصرف لبنان والخزينة والقطاع المصرفي. كذلك رأى أن أسواق الصرف والفوائد مستقرة من دون اي تغيّرات متوقعة في الوقت الحاضر. وأطلع المجتمعين على نتيجة مشاركته في الاجتماعات الأخيرة لصندوق النقد العربي، إذ بات جميع المسؤولين يدركون أهمية السيولة وضرورة توافرها، متوقعاً أن تلجأ بعض دول المنطقة الى إصدارات بالعملات الأجنبية. وألمح إلى أن الاحصاءات الشهرية المتوافرة لديه تشير الى تحسن ولو طفيف في معدل نمو الودائع في القطاع المصرفي مقارنة بالفترة نفسها من العام 2015.
ـ السيولة بالليرة ـ
وأثارت جمعية المصارف مسألة توافر السيولة بالليرة بفعل الهندسة المالية التي ابتكرها مصرف لبنان اخيراً، وحرصاً على عدم تأثيرها، في حال استمرارها، على سياسة الاستقرار النقدي، متمنية على سلامه التعاون. فجاء ردّ الحاكم أن مصرف لبنان في صدد درس هذا الموضوع، وانه يفضّل أن تعطي المصارف الأولوية لتوجيه جزء من هذه السيولة ما أمكن لتسليف الاقتصاد «ضمن معايير التسليف السليم». لكنه ابلغها في المقابل بأنه يعمل على درس صيغة تسمح بامتصاص جزء من هذه السيولة من خلال تحويل آجال استحقاقها من المدى القصير إلى الطويل، على أن تأخذ في الإعتبار المتطلبات بالليرة اللبنانية التي سترتبط بتطبيق المعايير المالية الدولية الجديدة أي الـ IFRS9 ، انعكاساتها على الرسملة والمؤونات العامة. ووعد بإتمام هذه الصيغة بعد العودة من الاجتماعات السنوية المشتركة لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن. وشدد سلامه في المقابل، على ان الهندسة المالية الأخيرة تشكل فرصة لن تتكرر لتعزيز رسملة المصارف واستعدادها للتحديات المقبلة، فلا تعيش المصارف اللبنانية التجربة التي مرت بها كبرى المصارف الأوروبية على سبيل المثال.
ـ التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية ـ
وطرحت الجمعية الموضوع في ضوء اللقاء المصرفي العربي الأخير الذي عُقد في مقر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD في 19 أيلول الماضي، وانطلاقاً من كون مهلة الانضمام إلى المعاهدة الدولية ذات العلاقة تنتهي أواخر أيلول الفائت، سأل طربيه ما سيكون عليه موقف المنظمة من لبنان في حال عدم إقرار التشريعات المطلوبة.
فردّ الحاكم بأن الدول الأساسية ستكون متفهمة جراء عدم انعقاد المجلس النيابي وبالتالي عدم إقرار التعديلات المطلوب إدخالها على قانون تبادل المعلومات الضريبية الرقم 43 الذي أقرّ نهاية العام 2015 (والذي وجدته الـOECD غير ملائم). وأعرب الحاكم عن اعتقاده بأن الدول المعنية الأساسية «لا بد من أن تعطي لبنان الوقت اللازم وليست لديها نيات مبيّتة اتجاهنا». وذكّر بأن «لبنان ليس جنّة ضريبية من جهة، وأن القانون رقم 44/2015 جعل من التهرّب الضريبي جرم تبييض أموال من جهة ثانية». وقال «استندنا في مصرف لبنان عليه لوضع التعميم بهذا الخصوص للمصارف»، ورأى الحاكم أن من خلال القانون 44/2015 (قانون مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب) يمكن التجاوب مع طلبات المعلومات التي قد ترد اليه من خلال هيئة التحقيق الخاصة.
ـ المصارف المراسلة ـ
كذلك تطرّق المشاركون إلى موضوع العلاقة مع المصارف المراسلة حيث أطلع الحاكم المشاركين على أجواء مناقشته في اجتماع صندوق النقد العربي. فموضوع الـDe Risking مطروح بقوة في العديد من الدول العربية. ونصح سلامه الجمعية بأن تبادر إلى زيارات للمراكز المالية الأوروبية للقاء المصارف هناك، أسوة بما قامت به في زياراتها الدورية إلى نيويورك وواشنطن، معتبراً أن هكذا لقاءات تعطي نتائج إيجابية تُكمّل الإتصالات التي يجريها الحاكم مع المصارف المركزية الأوروبية.
وذكّر سلامه بالزيارة التي قام بها أخيراً مسؤولا الاحتياط الفيدرالي الأميركي إلى لبنان ولقائهما لجنة التحقق والإمتثال في الجمعية، وبعض المصارف الكبيرة، وسيرفعان إلى إداراتهما تقريراً رجح سلامه أن يكون إيجابياً حول سياسات مصارف لبنان وإجراءاته في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.