تصدرت تجربة الكويت وجهودها النموذجية احتفالية منظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة (فاو) الرئيسية باليوم العالمي للمياه التي سلطت الضوء هذا العام على الفرصة التي توفرها مياه الصرف الصحي المعالجة لقطاع الزراعة وتحسين الامن الغذائي والتغذوي.
وتولى مندوب الكويت الدائم لدى (فاو) المهندس يوسف الجحيل بين المتحدثين يتقدم رئيس جمهورية فيجي ضيف الحفل تقديم العرض الرئيسي في احتفال المنظمة لتجربة دولة الكويت العريقة والريادية عالميا في مجال معالجة مياه الصرف الصحي المهدرة والذي اتخذت موضوع ليوم المياه العالمي لعام 2017 الحالي.
واستعرض الجحيل بالبيانات والشرائح المصورة في (مركز الشيخ زايد الاعلامي) مراحل جهود الكويت السباقة في التغلب على شحة المياه العذبة في احدى اكثر مناطق الارض قحالة من تحلية مياه البحر حتى معالجة مياه الصرف الصحي وصولا الى استخدام واستحداث احدث التكنولوجية تطورا.
وقال الجحيل ان تجربة دولة الكويت وجهودها عبر عقود طويلة في هذا المجال "جعلتها تتبوأ مكانة عالمية رائدة في معالجة مياه الصرف الصحي المهدرة واعادة استخدامها والاعتماد عليها في الاغراض الزراعية سواء في الزراعات التجميلية وحتى الرزاعة الانتاجية".
واوضح امام ممثلي الدول الاعضاء والوكالات الدولية ان استراتيجة الدولة الراسخة في التعامل والتغلب على شحة المياه وتوفيرها لكافة احتياجات مجتمع حديث متطور تقوم من ناحية على حفظ الموارد المائية المتاحة وتعظيمها وضمان استدامتها المستقبلية.
واضاف ان الشق الآخر من هذه الاستراتيجية بعيدة النظر والتي تأخذ في حسبانها كافة العوامل البيئية والتغيرات المناخية تركز على ترشيد استهلاك المياه العذبة سواء بالاستخدام الامثل اعتمادا على احدث وسائل الري الحديثة والموفرة في مجال الزراعة وكذلك بتعميق الوعي لدى المزارعين بأكفأ الاساليب والاكثرها اقتصادية.
واشار في هذا السياق الى تركيز الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية تطبيقا لاستراتيجية الدولة وسياستها على انتقاء واستخدام الاصناف النباتية الاكثر قدرة على التكيف مع العوامل البيئة والتحمل لقلة المياه من خلال البحوث العلمية والمعملية والحقلية.
كما شدد الجحيل على الاهمية الخاصة للتوعية الاجتماعية العامة والشاملة التي تستهدف جميع مكونات المجتمع انطلاقا من المدرسة ووسائل الاعلام والحملات الهادفة للترويج للسلوكيات الاستهلاكية السليمة والموفرة للمياه والتشجيع على الحد من الهدر الهائل لهذا المورد الحيوي.
وقال ان الكويت كانت سباقة في استخدام المياه "رباعية المعالجة" عالية الامان والصالحة حتى للشرب الادمي في ري المحاصيل الزراعية الغذائية عوضا عن المياه العذبة في اطار العمل الحثيث على توفير وتحسين ادارة الموارد الطبيعية تلبية لمفهوم التنمية المستدامة الذي اصبح هدفا عالميا حاسما ترجمته "اجندة 2030" التي تلتزم الكويت بأهدافها.
وفي تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) عبر الجحيل عن اعتزازه باختيار منظمة الاغذية والزراعة لعرض تجربة الكويت كمثال نموذجي في احتفاليتها الرئيسية هذا العام بيوم المياه والاقرار بمساهمتها الرائدة في مواجهة التحديات العالمية الكبرى معربا عن سعادته الكبيرة بما لمسه من اهتمام واضح لدى ممثلي الدول والمجتمع الدولي وتقديرهم لجهود الكويت الناجحة.
وقال الجحيل في هذا الصدد ان الكويت عبر العقود ومنذ دخولها المبكر في مجال تحلية المياه ثم معالجتها وصولا الى تحقيق الاستخدام الامثل والمتنوع لكافة مخرجات عمليات المعالجة من المياه بدراجاتها المختلفة اهتمت كذلك بالعنصر البشري فنجحت بجدارة في تكوين كوادر وخبرات وطنية متراكمة وتطوير تجربة متميزة تتيحها لمساعدة البلاد الاخرى.
واوضح ان الكويت في سياق سياسة الدولة في مجال المياه الحيوي ترفع هذا العام هدف "احتواء المياه المهدرة" باعتبار تحقيق ذلك احد العناصر الرئيسية لنجاح الاستراتيجية المائية اضافة الى حرص الهيئة العامة للزراعة على الانفتاح وتبادل الخبرات والتجارب والاستفادة من احدث الاتجاهات العالمية عبر تعاونها مع كبرى الوكالات المختصة مثل (فاو).
وقد ابرز احتفال هذه السنة باليوم العالمي للمياه ان غالبية مياه الصرف الصحي على الصعيد العالمي يتم هدرها وتركها في البيئة كما هي دون معالجة ما يؤدي في كثير من مناطق العالم تفريغ المياه الملوثة في الانهار والبحيرات لتنتقل في النهاية الى المحيطات بينما يمكن في المقابل ان توفر هذه المياه بالمعالجة واعادة استخدامها حلا مستداما قليل التكلفة لمشكلة ندرة المياه المتعاظمة.
وخلال الاحتفال الذي اقيم بمقر المنظمة في روما شددت نائب المدير العام لمنظمة الفاو ماريا هيلينا سيميدو على الحاجة الى "استخدام المياة في الزراعة استخداما فعالا ومثمرا وعادلا وصديقا للبيئة من دون التضحية بالجودة" وان على المجتمع الدولي "تعظيم امكانيات مياه الصرف الصحي كمورد قيم ومستدام".
وفي كلمته قال الضيف الرسمي رئيس جمهورية فيجي جيوجي كونوسي كونروتي "هناك حاجة ملحة الى استثمارات اكبر وابحاث اكثر حول ادارة مياه الصرف الصحي لتقليل المخاطر على الحياة التي يسببها تلويث مياه الصرف الصحي لبيئتنا" وانه "اذا ما بذلت جهود كافية يمكن تحويل مياه الصرف الصحي الى مورد ثمين".
واوضح الرئيس كونروتي الذي تتولى بلاده رئاسة (مؤتمر الاطراف بشأن اتفاقية المناخ) القادم ان "التحديات التي تواجهها الدول لتحقيق ذلك تختلف من دولة الى اخرى لكن الكثير منها مشترك" ما يستلزم "تعاون وثيق بين الدول للعمل على مواجهة هذه التحديات".
وبهذه المناسبة عرضت (فاو) حقائق اوضحت ان الزراعة التي تستهلك قرابة 70 في المائة من المياه العذبة تستخدم نسبة قليلة من مياه الصرف الصحي المعالجة فيها لذا تعمل المنظمة مع دولها الاعضاء لزيادة نسبة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة استخداما آمنا وسليما.
وتستخدم ما لا يقل عن 50 دولة حول العالم مياه الصرف الصحي في الري لما يعاد نحو 10 بالمائة من جميع الاراضي المروية حيث يدعو (الاطار العالمي لمواجهة ندرة المياه) الذي اطلقته المنظمة الى استخدام مصادر بديلة مثل جمع مياه الامطار واعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.
كما يدعو (تقرير الامم المتحدة لتنمية المياه في العالم) لهذا العام الذي اطلقته اليوم (لجنة الامم المتحدة المعنية بالموارد المائية) الى "احداث نقلة نوعية من اجل النظر الى مياه الصرف الصحي كمورد مفيد بدلا من كونه مشكلة في عالم تزداد فيه ندرة المياه مع تزايد الطلب عليها".
وتؤكد المنظمة امكانية النظر الى مياه الصرف الصحي المعالجة كمصدر محتمل للمواد الخام مثل الفسفور والنترات التي يمكن تحويلها الى اسمدة ما يلبي قرابة 22 في المائة من الطلب العالمي على الفوسفور المورد المعدني المحدود والمستنفد.
كما من شأن "الادارة المحسنة لمياه الصرف الصحي تحقيق منافع اجتماعية وبيئية واقتصادية تساعد في بلوغ اهداف التنمية المستدامة" مشددة على اهمية "ابراز مزايا هذه المياه ونشر الوعي وزيادة مستوى قبول المجتمع باستعمالها".
ويقام احتفال اليوم العالمي للمياه سنويا في 22 مارس بتوصية اعتمدها الامم المتحدة في ديسمبر 1992 كوسيلة لجذب الانتباه لاهمية المياه العذبة والدعوة الى الادارة المستدامة لمواردها حيث يسلط اليوم العالمي سنويا الضوء على جانب معين من المياه العذبة تحدده "لجنة الامم المتحدة المعنية بالموارد المائية" التي تنسق عمل الامم المتحدة بشأن المياه والصرف الصحي موضوع اليوم العالمي لمناقشة التحديات الحالية او المستقبلية.
ويركز احتفال هذا العام على قضية هدر مياه الصرف الصحي وسبل التقليل واعادة استخدام اكثر من 80 في المائة من جميع مياه الصرف الصحي الناتجة من المنازل والمدن والصناعة والزراعة التي تتدفق الى الطبيعة ملوثة بذلك البيئة فقدان العناصر الغذائية القيمة وغيرها من المواد القابلة للاسترداد.
ويرمي الهدف السادس من اهداف التنمية المستدامة الى ضمان توافر وادارة مصادر المياه وخدمات الصرف الصحي واستدامتها للجميع بحلول عام 2030 ويتضمن هدفا فرعيا لخفض نسبة المياه العادمة غير المعالجة وزيادة اعادة تدوير المياه واستخدامها الآمن.