تتطلع دولة الكويت مع حلول عام 2035 إلى رؤية (كويت جديدة) وضعت خلالها حكومة الكويت تطوير منظومة قطاعات النقل المختلفة والطاقة الكهربائية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات نصب أعينها عبر مشاريع المطار وسكك الحديد ومترو وجسور وموانئ بحرية ومحطات لتحلية المياه وشبكات ضوئية حديثة وذلك ضمن ركيزة (البنية التحتية المتطورة).
وتشكل البنية التحتية ركيزة أساسية لتحقيق رؤية (كويت جديدة) في ظل دورها الهام وارتباطها المباشر بالرغبة الأميرية السامية في تحويل دولة الكويت إلى مركز رائد اقليمي ومالي وتجاري وثقافي ومؤسسي جاذب للاستثمار.
وترجمة لرؤية الكويت تفضل سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في التاسع من مايو الجاري بوضع حجر الأساس لمبنى الركاب الجديد بمطار الكويت الدولي وذلك بحضور الرئيس التركي رجب طيب اردوغان خلال زيارته الاخيرة لدولة الكويت.
وانطلاقا من ذلك أدرجت حكومة دولة الكويت (البنية التحتية المتطورة) كأولوية ضمن برنامج عملها عبر توجيه استثمارات كبيرة في هذا المجال بهدف تطويره وفقا لأرقى المعايير المتعارف عليها عالميا لتكون الكويت قادرة على تلبية تطلعاتها المستقبلية وتحقيق التنمية المستدامة.
ولإدراك حكومة دولة الكويت بأن مصطلح البنية التحتية يتخطى المفهوم التقليدي المتمثل في الإنشاءات وطرق المواصلات لا سيما في ظل التطور التقني الذي يشهده العالم ركزت في رؤيتها على قطاع الاتصالات الذي أضحى معيارا أساسيا لاختبار مدى التطور في البنية التحتية لأي دولة ويحقق التواصل الكفء والسريع بين الدولة بقطاعاتها المختلفة والعالم الخارجي.
وتنظر الحكومة الكويتية باهتمام لتطوير البنية التحتية باعتبارها العمود الفقري وشريان الحياة لجميع أنشطة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات المتحضرة ومن دونها لا يمكن تحقيق أي تطور أو رفاهية في المجتمع اذ ان خدماتها تعمل على دعم وتكامل وربط المقومات الاقتصادية للدولة.
وتوجهت دولة الكويت نحو الاستثمار في تطوير البنية التحتية ليمكنها من تبوؤ مصاف الدول الافضل أداء على المستوى الاقتصادي كونها عاملا أساسيا ومؤثرا في استقطاب الاستثمارات الخاصة الوطنية والأجنبية المباشرة بما يساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بطريقة مباشرة من خلال زيادة فعالية وإنتاجية رأس المال.
ولارتباط خدمات البنية التحتية بأهداف التنمية المستدامة بصورة مباشرة تطرق الهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة ال17 إلى "إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود وتحفيز التصنيع الشامل والمستدام للجميع وتشجيع الابتكار" ومن هنا اهتمت دولة الكويت بذلك لما له من أهمية كبرى كوسيلة لتطوير الاقتصاد الوطني وزيادة كفاءة الإنتاج الصناعي.
ووضعت الحكومة ستة مستهدفات لتحقيق (بنية تحتية متطورة) هي زيادة الطاقة الاستيعابية لمطار الكويت الدولي ومعالجة المشكلة المرورية إضافة إلى تطوير منطقة الشمال كمنطقة اقتصادية وعمرانية وربطها بالطرق العابرة للحدود والمنافذ الحدودية مع الدول المجاورة.
اضافة الى الوصول بالطاقة الاستيعابية للموانئ إلى حدها الأقصى لدعم عملية التحول إلى مركز مالي وتجاري إلى جانب تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية سواء للاستهلاك أو للانتاج ورفع المخزون الاستراتيجي من المياه لتلبية الطلب الحالي والمستقبلي فضلا عن تحديث تقنيات قطاع الاتصالات ومواكبة التطور المستمر في ذلك المجال.
وتشمل (البنية التحتية المتطورة) خمسة برامج اولها تطوير منظومة النقل الجوي والذي يهدف إلى زيادة الطاقة الاستيعابية لمطار الكويت الدولي ويتضمن مشاركة وزارة الأشغال العامة من خلال مشروع توسعة مطار الكويت عبر انشاء مبنى الركاب (2) الجديد وعلى أعلى مستوى (كلاس ايه) يتناسب مع المواصفات العالمية حيث تبلغ الطاقة الاستيعابية لهذا المبنى نحو 25 مليون راكب.
كما تشارك الإدارة العامة للطيران المدني ضمن البرنامج الأول من خلال مشروع تطوير المدرج الشرقي في المطار الدولي والذي يسعى إلى رفع كفاءة المدرج واستطالته وزيادة الطاقة الاستيعابية لعدد من طائرات الجيل الجديد وذلك لخدمة مبنى الركاب الجديد بحيث يمكنه استقبال الطائرات الحديثة والعملاقة (ايه 380).
وسيتم تزويد المشروع آنف الذكر بأحدث التقنيات الجديدة في عالم الملاحة الجوية وبأحدث المواصفات العالمية إضافة إلى برج مراقبة جوي جديد يخدم المدرج الثالث والمدرج الأوسط.
في حين يتعلق البرنامج الثاني بتطوير منظومة النقل البري والذي يسعى إلى المساهمة في تطوير منطقة الشمال كمنطقة اقتصادية وعمرانية وربطها بالطرق العابرة للحدود و بالمنافذ الحدودية مع الدول المجاورة وبما يحد من الازدحام المروري والمساهمة في فتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في المشروعات الانشائية والتنموية للدولة.
ويتضمن البرنامج مشاركة وزارة الأشغال العامة من خلال مشروع جسر الشيخ جابر الأحمد الذي يسعى إلى رفع كفاءة شبكة النقل وتقليل الاختناقات المرورية من خلال زيادة أطوال الطرق الرئيسية والداخلية في المناطق المختلفة بالدولة.
ويستهدف المشروع إنشاء جسر بحري بطول 37 كيلومترا تقريبا عبر جون الكويت يبدأ من تقاطع الغزالي السريع مع شارع جمال عبدالناصر وحتى طريق الصبية السريع إلى مدينة الصبية الجديدة بالجانب الشمالي للجون.
ويحوي المشروع إنشاء جزيرتين اصطناعيتين تحتويان على مبان لخدمات المرور والطوارئ والجهات المختصة لمراقبة صيانة الجسر ومحطة للتزويد بالوقود ومرسى للقوارب بالإضافة إلى جسر رئيسي للملاحة بارتفاع 23 مترا وبفتحة ملاحية 120 مترا مخصصة لمرور السفن.
وسيعمل المشروع على تحقيق انسيابية وسهولة في الحركة المرورية والتقليل من الازدحامات المرورية إلى جانب اختصار المسافة بين مدينة الكويت والصبية فضلا عن توفير خدمات البنية التحتية.
كما تشارك هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص ضمن البرنامج الثاني بمشروع شبكة السكك الحديد الذي تسعى الدولة من خلال تنفيذه إلى زيادة حجم التبادل التجاري خصوصا بين دول مجلس التعاون الخليجي مما سيكون له أثر إيجابي على التنمية الاقتصادية.
ويستهدف المشروع آنف الذكر إنشاء شبكة سكك حديدية بطول أكثر من 570 كيلومترا وتطوير قطاع وخدمات النقل البري واستحداث خدمات وتفعيل الربط البري مع الدول المجاورة إضافة إلى تأمين وتسهيل حركة نقل الركاب والبضائع.
ويرمي المشروع إلى المساهمة في خفض التلوث الناتج عن استخدام المركبات والشاحنات والتقليل من الاعتماد على النقل الطرقي للركاب والبضائع وهو احدى معالجات الازدحام المروري وزيادة معدلات الاستثمار.
كما يهدف الى تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في المشروعات الانشائية والتنموية في الدولة والاستفادة من خبرته العملية لما في ذلك من تأثير إيجابي على الاقتصاد المحلي لا سيما من خلال نقل التكنولوجيا والمعرفة بما يعزز كفاءة العاملين ويرفع من مستوى الخدمات المقدمة فضلا عن خلق المزيد من الفرص الوظيفية.
وتشارك هيئة مشروعات الشراكة أيضا وضمن البرنامج الثاني من خلال مشروع أنظمة النقل السريع (مترو الكويت) والذي تسعى الدولة من خلال تنفيذه إلى تطوير وتنظيم قطاع النقل البري وتحديث الخدمات بالإضافة إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وزيادة حجم استثماراته.
ويستهدف المشروع آنف الذكر تفعيل الربط البري بين المناطق والمدن المحلية وتقليل مستخدمي وسائل النقل الخاصة وبالتالي التخفيف من الازدحام المروري بالإضافة إلى توفير أكثر من 1500 فرصة وظيفية في مرحلة التشغيل.
ويسعى إلى تأمين وتسهيل وتشجيع حركة نقل الركاب وتطوير وتنمية المراكز التجارية والاجتماعية المحيطة بمحطات المترو والتقليل من عدد حوادث السيارات والركاب بالإضافة إلى التقليل من تلوث الهواء بسبب عوادم السيارات.
ويعنى البرنامج الثالث بتطوير منظومة النقل البحري والذي يسعى إلى الوصول بالطاقة الاستيعابية للموانئ إلى حدها الأقصى لدعم عملية تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري.
ويتضمن البرنامج مشاركة وزارة الأشغال العامة من خلال مشروع ميناء مبارك الكبير الذي يسعى إلى زيادة أنشطة التبادل التجاري وإنعاش حجم التجارة الإقليمية وزيادة حجم الاستثمارات بالإضافة إلى زيادة الموارد الاقتصادية ورفع معدلات النمو الاقتصادي وتطوير الخدمات التي تقدمها الموانئ البحرية وزيادة قدرتها الاستيعابية والمساهمة في تعمير وتطوير المناطق غير المأهولة.
ويستهدف المشروع إنشاء ميناء بسعة 24 مرسى ونحو ثمانية ملايين حاوية وتعمير واستصلاح جزيرة بوبيان واستحداث منطقة صناعية وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين والعمل على استقبال أحجام سفن أكبر وتنشيط السياحة.
كما تشارك مؤسسة الموانئ الكويتية ضمن البرنامج الثالث بمشروع تطوير ميناء الشويخ الذي سيعمل على زيادة كفاءة القناة الملاحية بميناء الشويخ مما يؤدي إلى دخول سفن حاويات من الأجيال الحديثة بأعداد أكبر.
ويستهدف المشروع آنف الذكر تطوير الخدمات التي تقدمها الموانئ البحرية وزيادة قدرتها الاستيعابية واستقبال سفن حاويات حديثة بغاطس أعمق في جميع أحوال المد والجزر مما يشجع الخطوط الملاحية إلى توجيه سفنها التي يصل غاطسها إلى أعماق كبيرة للقدوم إلى ميناء الشويخ بالإضافة إلى زيادة كفاءة القناة الملاحية وزيادة عمقها وزيادة عامل الأمان لها.
كما يتعلق البرنامج الرابع بتطوير وزيادة الطاقة الانتاجية للطاقة الكهربائية والذي يسعى إلى تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية سواء للاستهلاك أو للانتاج والعمل على رفع المخزون الاستراتيجي من المياه لتلبية الطلب الحالي والمستقبلي نتيجة للتوسع العمراني.
ويتضمن البرنامج مشاركة وزارة الكهرباء والماء من خلال مشروع إنشاء محطة الدوحة لتحلية مياه البحر بالتناضح العكسي -المرحلة الأولى حيث انه يأتي استكمالا لتوزيع مشاريع تحلية المياه على مختلف مناطق دولة الكويت.
ويستهدف المشروع زيادة إجمالي القدرة الإنتاجية لمحطات تقطير المياه وتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي للمياه بالإضافة إلى انتاج 60 مليون جالون امبراطوري في اليوم من المياه العذبة.
ويسعى المشروع إلى خفض استهلاك الطاقة وخفض التكاليف الرأسمالية والتشغيلية إضافة إلى تحسين الاتزان ما بين انتاج الطاقة الكهربائية وانتاج المياه في المناطق المختلفة وضمان استمرارية توفير الطلب المتزايد من المياه نتيجة للتوسعات الصناعية والعمرانية.
وتشارك وزارة الكهرباء والماء ضمن البرنامج الرابع بمشروع تحويل المرحلة الأولى من التوربينات الغازية في موقع محطة الصبية إلى نظام الدورة المشتركة.
ويستهدف المشروع رفع القدرة المتوافرة لمحطات القوى الكهربائية وزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية في حدود 250 ميجاوات علاوة على زيادة الطاقة الكهربائية المصدرة إلى الشبكة الكهربائية من المحطة العاملة لمواكبة الزيادة المتوقعة في الطلب على الطاقة وزيادة الرفاهية لجميع فئات المجتمع.
ويرمي المشروع إلى توفير الطاقة الكهربائية للمواطنين والمقيمين والجهات مثل المصانع حسب احتياجاتهم ودون انقطاع.
ويختص البرنامج الخامس بتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذي يسعى نحو استخدام أحدث التقنيات وتوفير الخدمات الهاتفية الجديدة عبر (كيبلات) الألياف الضوئية والتي تتميز بسرعة انتقالها ونقاوتها العالية مما يعمل على تحسين الخدمات الإلكترونية وتوسيع نطاقها وإتاحتها للجميع فضلا عن تحسين خدمات الاتصال المحلي والدولي وخدمات الإنترنت الأخرى.
ويتضمن البرنامج مشاركة وزارة المواصلات من خلال مشروع الشبكة الضوئية الكبرى (اف.تي.تي.اتش) والذي يسعى الى تطوير جميع خدمات الاتصالات للشبكات الأرضية.
ويستهدف المشروع الذي يغطي أكثر من 67 ألف قسيمة في 33 منطقة ما بين مناطق حديثة وقديمة استخدام أحدث التقنيات وتوفير الخدمات الهاتفية الجديدة (مثل الانترنت والفيديو) عبر (كيبلات) ألياف بصرية والتي تتميز بسرعة انتقالها ودرجة نقاوة عالية وانخفاض أسعارها وذلك للمناطق الجديدة والقديمة.
كما يستهدف تطوير مقاسم الوزارة باستخدام أحدث التقنيات وتطبيق توصيات الشركات الاستشارية لاستحداث وحدات شبكة الألياف الزجاجية بالإضافة إلى الشبكة الهاتفية النحاسية (الاتصالات الدولية) واستبدال الشبكات الأرضية التقليدية بشبكات اتصالات أرضية حديثة وتدريب كادر جديد من الفنيين والمهندسين.
وتشارك وزارة المواصلات أيضا وضمن البرنامج الخامس بمشروع شبكة الألياف الضوئية بين المقاسم الذي يسعى إلى توفير جميع خدمات الاتصالات والإنترنت ونقل المعلومات.
ويستهدف المشروع توفير السعات والسرعات العالية وخطوط نقل المعلومات والخطوط الساخنة وزيادة سعة حركة الاتصالات بين المقاسم وتوفير (كيبلات) الألياف الضوئية وتأجيرها للشبكات المقدمة لخدمات نقل المعلومات فضلا عن تحسين خدمات الاتصال المحلي والدولي وخدمات الانترنت.
وسيشعر المواطن اثر برامج البنية التحتية التي وضعتها حكومة دولة الكويت بالأثر التنموي لتلك المشروعات بعد الانتهاء منها من حيث توفير الفرص الوظيفية كنتيجة لزيادة الاستثمارات ولاسيما استثمارات القطاع الخاص ما سيصب في مصلحة زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
كما سيستشعر المواطن مدى التحسن في مستوى الخدمات العامة المقدمة له في المجالات المختلفة مثل خدمات النقل البري والجوي والبحري وتوافر الطاقة الكهربائية والمياه للأغراض المختلفة اضافة إلى خدمات الاتصالات والانترنت فائقة السرعة.
وستؤدي تلك المشاريع في النهاية إلى تحسين ترتيب الدولة على مستوى المؤشرات الدولية الأمر الذي يعزز مكانة الكويت دوليا.