مركز بوبيان للبحوث والدراسات السياسية والإستراتيجية | مكتب البرلمان أمام اشتباك سياسي
مكتب البرلمان أمام اشتباك سياسي
2024-12-23 | 170 مشاهدة
سياسة
مكتب البرلمان أمام اشتباك سياسي

تتجه الأنظار اليوم إلى اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي برئاسة الرئيس نبيه بري، باعتبار أن ما سيصدر عنه سيكون المؤشر للمسار العام لبدء الدورة العادية للبرلمان في أول ثلثاء بعد الخامس عشر من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، والتي ستخصص جلستها الأولى لانتخاب أعضاء المكتب، تليها الدعوة لعقد جلسات تشريعية يفترض أن تفتح الباب أمام جولة جديدة من النزاع السياسي حول تشريع الضرورة، في مقابل إصرار حزب «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» على أن تعطى الأولوية لإدراج قانون الانتخاب على جدول أعمال أول جلسة تشريعية.

الأولوية لتشريع الضرورة
وعلم من مصادر نيابية بارزة أن الأكثرية في مكتب البرلمان تميل إلى ترجيح كفة تشريع الضرورة على إعطاء الأولوية لقانون الانتخاب، ليس لأنها تعارض إدراجه، وإنما لأن هناك حاجة ماسة للبدء في تشريع الضرورة في الشأن المالي بما يتجاوز الشأن الداخلي، إلى اعتبارات دولية تتعلق بسن تشريعات مالية جديدة لرفع الضغوط عن لبنان، أبرزها الانخراط في منظومة الضريبة العالمية لجهة التصريح عن اللبنانيين ممن يحملون جنسيات أوروبية وأميركية لإلزامهم التقيد بالأنظمة المالية المعمول بها في هذه الدول.
ولفتت المصادر النيابية إلى أنه ليس في مقدور لبنان التمرد على التزامه بالنظام الضريبي العالمي، وعزت السبب إلى أن المجتمع الدولي يمكن أن يرد على تمرده هذا بإدراج اسمه على اللائحة السوداء.

وأكدت المصادر نفسها أن هناك حاجة لفتح اعتمادات مالية لتأمين دفع رواتب الموظفين في القطاع العام من مدنيين وعسكريين، وحذرت من عدم إقرارها لئلا يكون هناك صعوبة في دفع رواتبهم بدءاً من أول الشهر المقبل. وبالتالي فإن من يعيق التشريع في هذا الخصوص عليه أن يتحمل مسؤولية رد الفعل من قبل اللبنانيين.

ورأت المصادر ذاتها أنه لا يجوز ربط الموافقة على تشريع الضرورة بمعرفة مصير الدعوة التي وجهها الرئيس بري لعقد جلسة لانتخاب الرئيس في 31 الجاري وقالت إن الأخير كان واضحاً بقوله أنه على استعداد لعقد جلسة الانتخاب في أي وقت تتوافق عليه الكتل النيابية وبالتالي لا مبرر لتعطيل تشريع الضرورة.

وسألت المصادر عن الجدوى من إصرار «القوات» بالتناغم مع «التيار الوطني» على أن تعقد أول جلسة تشريعية من العقد العادي بعد 31 الجاري على أن تخصص لمناقشة قانون الانتخاب الجديد؟

واعتبرت أن إعطاء الأولوية لقانون الانتخاب سيوقع البرلمان في جولة جديدة من المراوحة والسجال، لأن هناك صعوبة في التوافق في جلسة واحدة على القانون، وأن ترحيل النقاش فيه إلى جلسة أخرى لن يحل المشكلة وإنما سيعطل تشريع الضرورة بذريعة حصر التشريع بالقانون وعدم الموافقة على الانتقال إلى تشريع الضرورة.

وأكدت أن زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري لا يزال على وعده بأن يدرج قانون الانتخاب على جدول أول جلسة تشريعية لكن ما العمل إذا ما تعذر التوافق على القانون لغياب الآلية التي قد تدفع في اتجاه الإسراع في إقراره لا سيما أن تجربة اللجان النيابية للتوافق على خطوطه العريضة لم تكن مشجعة.

وفي هذا السياق سألت المصادر عن الأسباب التي تمنع أي كتلة نيابية من طرح مشروعها الخاص بها لا سيما أن هناك أكثر من 17 مشروع قانون في أدراج اللجان النيابية التي عجزت عن إيجاد قواسم مشتركة يفترض أن تساعد على تذليل العقبات أمام الوصول إلى تفاهم الحد الأدنى حول القانون يجرى التأسيس عليه لبلورة المشروع وتوسيع الموافقة عليه.

واعتبرت أن الجهات السياسية التي تروج لحصول مثل هذا التفاهم وهي متعددة الانتماءات، تسعى لاستحضار الذرائع لنسف أي محاولة لإنهاء الشغور الرئاسي في محاولة لتبرير عدم جاهزيتها لاعتبارات خارجية لانتخاب الرئيس. وقالت إن من يروج لذلك يستخف بعقول اللبنانيين ويخطط منذ الآن للهروب إلى الأمام لعله يفلت من حشر الحريري له.
لذلك يتوقع أن يحاصر الاشتباك السياسي اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم نظراً لتصاعد الخلاف حول أولوية تشريع الضرورة على قانون الانتخاب، فهل يتمكن بري كعادته من ابتداع المخرج الذي من شأنه أن يؤجل إقحام البلد في اشتباك سياسي جديد.
الحياة